كرة قدم

كرة قدم

حمادي بوصبيع يتحدث عن وضعية الإفريقي و يقترح هذه الحلول



لا يحتاج الضّيف الاستثنائي للـ»شّروق» إلى تعريف فهو مسؤول كامل الأوصاف، ورجل كألف، ويصنّف ضمن أوزان ما فوق الثّقيل بالنّظر إلى مركزه الرّفيع في المجال الاقتصادي، وتأثيره الكبير في مسيرة نادي «باب الجديد». 
ويعدّ ضيفنا «الأب الرّوحي» للنادي الافريقي، والمرجع الأساسي للرؤساء المتعاقبين على مركّب القبائلي، والمدعّم الدائم لفريق «الشّعب» بالمال الوفير، وببذل النّصيحة، وهو أيضا الشّاهد على أشهر الأيّام المجيدة التي عاشتها «الغاليّة»، والسّند الأفضل للجمعيّة في الأزمات العسيرة، والفترات الشّديدة. كلّ هذه الصّفات المثاليّة اجتمعت في هويّة السيّد حمّادي بوصبيع الذي فتح قلبه للـ»شّروق» مؤكدا أنّ الأزمة في «باب الجديد» عابرة وأنّ الظّرف الحالي يتطلّب توحيد الصّفوف. 
القيم الأصيلة للرياضة
كان المرض باديا على السّيد حمّادي بوصبيع. وكان الارهاق واضحا في نبرة صوته «الحكيم» لحظة اتّصالنا به، ومع ذلك فإنّه تحامل على نفسه، وتغلّب على الأوجاع لأنّه على اقتناع تامّ بحقّ الإعلام في الاستماع لمسؤول مثله، ولإيمانه الرّاسخ بواجبه التّاريخي تجاه الافريقي، والرياضة التونسيّة. واختار ضيفنا المبجّل أن يسير الحوار من العام إلى الخاصّ، وقال:» محبّتي للنادي الافريقي كبيرة، وثابتة على مرّ الزّمان. والحديث عن ذلك قد يطول لساعات. وأفضّل أن يكون كلامنا منهجيا، وأن ننطلق من تشريح الوضع الأليم للرياضة التونسيّة لنصل في مرحلة ثانية الى «باب الجديد» وهو إحدى أكبر قلاعها، وأهمّ أركانها، وأبرز مموّنيها باللاّعبين في جميع الاختصاصات، وفي كلّ العصور. ويحزنني كثيرا ما آلت إليه الأمور في السّاحة الرياضيّة التي كان من المفترض أن تكون مسرحا للتحابب، والتقارب، وتكريس مبدأ المنافسة الشّريفة، والدّفاع عن المبادىء الرّفيعة، والتمسّك بالقيم الأصيلة، وأذكر شخصيا أنّني بادرت بتنظيم حفل غنائي لفائدة الافريقي، وجاره الترجي، أحيته الفنّانة الرّاحلة وردة في إشارة قويّة إلى أنّ الصّراعات بين «كبار» بطولتنا ينتهي في الميدان، وأنّ «التعايش» ممكن بين الأجوار، وذلك شرط الاحترام المتبادل، وعدم الانشغال بالمسائل الهامشيّة، ونجحت في تكوين علاقات ممتازة مع أغلب المسيرين الذين مرّوا من الحديقة «ب» على غرار شيبوب والمدب... وغيرهما. كما عملت على أن تكون علاقتي ممتازة مع كلّ المسؤولين من الشّمال إلى الجنوب. وحرصت على مدّ جسور الودّ مع كلّ الرياضيين، والمسؤولين في سوسة، وصفاقس، وفي كلّ شبر من تراب الجمهوريّة لإيماني الكبير بالدّور الاجتماعي، والبعد الانساني لكرة القدم، والرياضة بصفة عامّة. ويؤسفني أن تتحوّل ملاعبنا، وقاعاتنا إلى مسرح لتبادل العنف، والتراشق بالتّهم، والتّهجم على المسؤولين. والحقيقة أنّني ألتمس آلاف الأعذار لكلّ المسيرين الذين لاذوا بالفرار من هذا الجحيم، وأيضا هؤلاء الذين رفضوا رفضا قاطعا تحمّل المسؤولية في هذه الأجواء المشحونة. وأعتقد أنّه حان الوقت لوضع المصلحة الوطنيّة فوق كلّ الاعتبارات، وايقاف «غول» العنف، ونزيف التّصريحات الناريّة، والترفّع عن الصّغائر، وتوحيد الصّفوف للنّهوض بالرياضة التونسيّة.
دور رجال الأعمال
ويواصل ضيفنا العزيز حديثه بحماس كبير عن الحلول الممكنة لتغيير واقع الرياضة التونسية قائلا:» لقد بان بالكاشف أنّ رياضتنا في حاجة ماسّة إلى تعديلات جذريّة على مستوى السّياسات المنتهجة، والتي تأكد بما لا يدع مجالا للشكّ بأنّها مغلوطة، ومبنيّة على العشوائيّة بدليل المردود الهزيل لصفوة نخبتنا في أولمبياد البرازيل، والخروج الجماعي لفرسان تونس من المسابقات القاريّة، وأيضا الأداء المتواضع للـ»محترفين» في بطولتنا المحليّة رغم المليارات المهدورة في سوق الانتقالات، والأجور الفلكيّة للاعبين. ولابدّ حسب رأيي من إعادة النّظر في الاستراتيجيات المتّبعة، ولا مفرّ من مراجعة ملف تمويل الجمعيات، والجامعات بطريقة تمنح الأولويّة المطلقة للرياضات الفرديّة، مع العمل على دفع الأندية «المحترفة» للتعويل على طاقاتها الذاتيّة بصفة تدرجيّة. ولاشكّ في أنّ «المحترفين» أصبحوا على يقين بأنّهم يسلكون الطّريق الخطأ، وتفطّنوا إلى أنّ سياسة تكديس اللاّعبين، وجلبهم من الخارج بأغلى الأثمان من شأنها أن تعود بالوبال على الجمعيات، وتستنزف العملة الصّعبة. وأظنّ أنّ رجال الأعمال أمام مسؤولية تاريخيّة، ووطنيّة لدعم الرياضات الفرديّة، والجماعيّة لأنّ الأعباء أصبحت ثقيلة جدا على الدّولة التونسيّة التي تعيش كما هو معلوم ظروفا ماديّة صعبة حتّى لا نقول كارثيّة.
تغليب صوت الحكمة
يؤكد الرئيس السّابق لصاحب الرباعيّة التاريخيّة حمّادي بوصبيع أنّ عشقه الكبير لفريق «الشّعب» يجعله يتابع بإهتمام منقطع النّظير تطوّر الأحداث في مركّب اللاّعب الرّمز منير القبائلي. ويضيف قائلا:» لقد تقلّدت مسؤولية رئاسة الجمعيّة، وشهدت، صولات، وجولات الفريق محليا، ودوليا، والمشاكل الكبيرة التي عاشها طيلة العقود الماضية. وعلّمتني التّجارب أنّ دوام الحال من المحال، وأنّ الفترات الزّاهية تعقبها أزمات قويّة، لكنّها عابرة مهما طالت، وهو شأن أقوى المنتخبات، وأعتى الجمعيات على غرار الافريقي في نسخته الحالية بقيادة سليم الرياحي الذي لا يختلف عاقلان حول التّضحيات المادية الجسيمة التي قدّمها للجمعية على امتداد السنوات الأربع الأخيرة. وقد يلحّ البعض على القول بأنّ الأزمة عميقة، وشاملة، ومع ذلك لا يساورني أدنى شكّ في نجاح النادي في تجاوز متاعبه، واستعادة عافيته، وريادته في أقرب الآجال. وتفرض الحكمة على الجميع نبذ الخلافات، وتصفية القلوب، وتنقيّة الأجواء، والوقوف وقفة رجل واحد خلف الفريق، ومساندة الربّان الحالي للسّفينة بدل التّصعيد، والتّهديد رغم وجود بعض المؤاخذات المتعلّقة أساسا بظهور عدّة أطراف في محيط الجمعيّة بهدف تحقيق مآرب شخصيّة. ولا اختلاف حول ضرورة التّصدي لهم. ولا يخفى على أحد أنّني تحفّظت على البيان الصّادر عن ثلّة من المسؤولين القدامى لأنّه جاء في التوقيت الخطأ خاصّة أنّني كنت في تلك الفترة بصدد التشاور، والتحاور مع الرياحي لإيجاد الحلول العاجلة لتجاوز الأزمة. وقد أصبحت هذه الأشياء جزء من الماضي، ولابدّ من التعجيل بالجلوس على طاولة الحوار، والمساهمة في النّهوض بالفريق، وهو ملك لجمهوره الكبير. ولن تغلق أبواب حديقته في وجه أي فرد قادر على دعمه ماديا، أوعلى الأقل بالكلمة الطّيبة، وذلك أضعف الإيمان. 
دموع السّليمي ودور أبناء الدار 
أشار بوصبيع إلى أنّه يؤمن كثيرا بالتأثير الكبير للاعبين، والفنيين الذين تلقّوا تكوينا أبيض، وأحمر. ويعبّر في هذا السّياق عن ارتياحه لتعيين اثنين من أبناء الجمعيّة في خطتّين فنيتين مهمّتين. ويتعلّق الأمر بالمدرب الأوّل للنادي قيس اليعقوبي، والمدير الرياضي سمير السليمي الذي قال بوصبيع إنّه لا ينسى أبدا تلك الدّموع التي ذرفها منذ سنوات لحظة خسارة اللّقب العربي. ويشير بوصبيع إلى أنّ تلك الدموع تعكس روح الانتماء، وذلك ما يفقده أكثر من عنصر من العناصر الحاليين الذين يقبضون الملايين دون تقديم الأداء المطلوب. ويستدعي هذا الأمر حسب ضيفنا ضرورة الالتفات على الفور إلى مركز تكوين الشبّان في مركب القبائلي لتطعيم الأكابر بمنتوج جيد، و»مصنوع» في الحديقة التي تخرّج منها عباقرة الكرة التونسيّة. 
عطاء غير محدود
من الواضح أنّ تشريف بوصبيع بتسميّة «الأب الروحي» للافريقي ليس مجرّد لقب شرفي، أوشعار أجوف يتشدّق به صاحبه، بل هو اسم على مسمّى بحكم أنّ ضيفنا العزيز أكد بأعلى صوت أنّه من المستحيل أن يتوقّف عن توفير الدّعم المعنوي، والمادي للجمعيّة طالما أنّه على قيد الحياة. ويفنّد بوصبيع بذلك كلّ الأقاويل الباطلة حول اعتزامه غلق «حنفيّة» المساعدات. 
درس كبير
في نهاية الحوار تقدمنا بالشكر لبوصبيع على رحابة صدره، ورجاحة عقله، وإتزان خطابه، في زمن انفلتت فيه ألسنة المسؤولين. وقد كان ردّ بوصبيع على النحو التالي: «أنا من نالني شرف الحديث في جريدتكم الغرّاء...» هكذا يتكلّم المسيّرون الـ»كبار» المتخرجون من مدرسة العمالقة «عتّوقة»، والّشايبي، والجديدي، وأيضا الخويني، والبيّاري، وهما أكثر العارفين بما قدّمه بوصبيع للإفريقي، والمنتخبات الوطنيّة، وعدّة جمعيات صغيرة. 
حمادي بوصبيع يتحدث عن وضعية الإفريقي و يقترح هذه الحلول حمادي بوصبيع يتحدث عن وضعية الإفريقي و يقترح هذه الحلول بواسطة Unknown في 01:07:00 تقييم: 5

آخر الأخبار

Fourni par Blogger.